سَألتُ غُثاءَ السَيلِ والعينُ تَدْمَعُ *** أَحَقّاً عبادَ اللهِ ما أُحِسُّ وأَسمعُ
بأنَّ عُلُوجَ الرُومِ جاسُوا ديارَكمْ *** وأنتمْ حَيارى مُسْتَكِينُونَ خُشَّعُ
وأنَّ خِيارَ الناسِ أمّةَ أحمدٍ *** عَقِيمٌ مِنَ الأحرارِ صحراءُ بَلْقَعُ
أفي كلِّ عامٍ تَشهدونَ دوَيلةً *** على الكعكِ والبترولِ تَبْنيْ وتَصنعُ
فَهِمّةُ قَوميْ في الخليجِ بطونُهمْ *** وأمعاءُ أبناءِ العراقِ تُمَزَّعُ
لَحا اللهُ خَوّاناً وقَرّب يومَهُ *** لعلّ بُنَيّاتِ العِراقَيْنِ تَشْبَعُ
وأَتْبَعَ حكّامَ الفسادِ بلعنةٍ *** يشارِكُهمْ فيها السَفِيهُونَ أَجْمَعُ
وأَبْدَلَنا بالظالمينَ خليفةً *** يَهُزُّ لواءَ المسلمينَ ويَرفعُ
ويحميْ ثُغُوراً قد أُبِيحتْ وبيضةً *** فما إِمْرةُ الصِبْيانِ تَحْمِيْ وتَمْنَعُ
وأخرى أقامتْ في فِلَسطينَ سلطةً *** إلى أرضِ مِجْرِيْطٍ(1) تَخُبُّ وتُوضِعُ
ومَنْ لم يجدْ نفطاً وغازاً يبيعُهُ *** فلا بأْسَ بالأوطانِ تُشرى وتُقطَعُ
بِأُسْلو أتموا لِرابينَ صَفقةً *** وفي غفْلةِ الأحرارِ خانُوا ووَقَّعُوا
فباءُوا مِنَ اللهِ العظيمِ بغضبةٍ *** تَكادُ الرَواسيْ الشُمُّ منها تُصَدَّعُ
ولكنهمْ لم يَعرفوا طبعَ أُمّةٍ *** تريدُ جميعَ الكَفِّ إنْ نِيلَ إصبعُ(2)
وفي مُحْكَمِِ التَنزيلِ وصفُ عُهودِها *** إذا عاهدتْ عنْ نَبْذِها لا تَوَرَّعُ
أيا بائعيْ مَسرى النبيّ رُوَيْدَكُمْ *** أأنتمْ يهودٌ أم رَعادِيدُ خُنَّعُ
إذا دارتِ الأيامُ واشتدَّ ساعدٌ *** فسوف تَرَوْنَ النجمَ في الظُهرِ يَطْلُعُ
ولنْ تنفَعَ العادِينَ أموالُ نَوْبَلٍٍ *** ولا مانِحاتُ المالِ ترجو وتطمعُ
تُمَهِّدُ درباً لامتصاصِ دمائِنا *** تُضاهِئُ دَورَ الراعيَيْنِ وتَتْبَعُ
فما هي باللاّئيْ تُضَمِّدُ جُرحَنا *** ولكنها مِنْ عَمِّها سامَ أَشْنَعُ
نَسِيْتُمْ بلادَ الشّاشِ والقَرْمِ قبلَها *** وما كان في الأفغانِ أَنْكى وأَبْشَعُ
وبالأمسِ ناءُوا في الخليجِ بِكَلْكَلٍٍ *** وتحالفوا ضد العراق وجَمَّعُوا
وقامتْ لِحُكْمِ البَغْيِ إذّاكَ ضجةٌ *** وتَدَثَّرُوا جِلْدَ النُمورِ وقَعْقَعُوا
فلَمْ نَرَ طحناً يُثْلِجُ الصَدْرَ وَقْعُهُ *** وظلتْ عبيدُ الكفرِ تعطيْ وتَخضعُ
وأضحتْ عُلُوجُ الرُومِ نَشْوى أَمينةً *** فها هي في شَطِّ الكويتِ تسفّعُ
وكانتْ حِمَى الإسلامِ دِرْعاً مَنِيعةً *** تُسامِيْ عَرِينَ اللّيثِ بل هي أَمْنَعُ
وليس غريباً أنْ يُرى العَيْر(3) ناهِقاً *** إذا غابتِ الآسادُ يَنْزُو ويَرْتَعُ
فيا لَهْفَ قلبيْ هلْ تعُودُ لدينِنا *** بَيارِقُ مَجْدٍ تحتها البِيضُ تَلْمَعُ
ويُجْبَى لبيتِ المالِ فَيْءٌ وجِزْيَةٌ *** ويَرْقى بنا فوقَ السحائبِ أَصْمَعُ(4)
إلى مَقعدِ العِزِّ الذي لا يَرُومُهُ *** عظيمٌ مِنَ الكفارِ أصفرُ رَعْرَعُ(5)
إذا حدثَتْهُ النفسُ يوماً بغَدرةٍ *** أتاهُ جوابٌ مِنْ سَنا البرقِ أَسرعُ
كتائبُ توحيدٍ بها الموتُ كامنٌ *** يقدِّمُها صَوْبَ المعامِعِ أَرْوَعُ
أَحَدُّ منَ البِيضِ الصِفاحِ مَضاؤُهُ *** شديدٌ على الأعداءِ مِقْدامُ سَلْفَعُ(6)
وليس غريباً أن يُرى النصرُ بَغْتةً *** فيَفرحُ أقوامٌ قليلونَ رُكَّعُ
وما النصرُ إلا مِن حكيمٍ فإنْ يَشَأْ *** وإلا فرأسُ الناسِ قتّاتُ(7) قُنْدُعُ
( -----------------------------
شرح بعض المفردات:
(1) مجريط: مدريد -
(2) تريد جميع الكف إن نيل إصبع: مثل عند اليهود وترجمته أعطني إصبعك آخذ يدك -
(3) العير: الحمار -
(4) أصمع: المترقي أشرف المواضع،أو السيف القاطع -
(5) رعرع: جبان -
(6) سلفع: جريء شجاع -
(7) قـتات: الذي ينم للأمير -
(
قندع: ديّوث