مريض "الغفلة" على خطر كبير في الآخرة ولو كان في الدنيا منعما بكل النعم ،
قال تعالى: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف:179].
فالله سبحانه خلق لجهنم كثيرا من الجن والإنس و مع العلم أن لهم قلوبا
وأعينا وآذانا ولكنها صرفت في غير مرضاة الله، لذلك سماهم الله في آخر الآية بالغافلين.
إن أكثر الناس مصاب "بالغفلة" وهي أعظم داء،
وقال تعالى: إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمُ النُّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ [يونس:8،7]
، تفيد هذه الآية، أن من أسباب دخول النار أن يغفل العبد في الدنيا عن آيات ربه الكونية
والشرعية، وما أكثرهم، نسأل الله أن لا نكون منهم.
وقال تعالى في وصف الكفار: يَعْلَمُونَظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ [الروم:7]
فمن غفل عن آخرته فقد تشبه بالكفار، ومن تشبه بقوم حشر معهم،
وقال تعالى: اقْتَرَبَلِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ [الأنبياء:1]
فبين الرب تباركت أسماؤه أن الغفلة تجعل العبد في إعراض وصدود عن حكمة خلقه وإيجاده
ثم حسابه.
وقال تعالى على لسان الكفار: يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ [الأنبياء:97].
تبين هذه الآية العظيمة أن الإنسان الغافل ظالم لنفسه بشهادته عليها.
قال ابن القيم رحمه الله: ( الغفلة تتولد عن المعصية كما يتولد الزرع عن الماء والحرارة عن النار، وجلاءه بالذكر، وإن القلب ليمرض كما يمرض البدن وشفاؤه بالتوبة والحمية، ويصدأ كما تصدأ المرآة، وجلاءه بالذكر، ويعرى كما يعرى الجسم، وزينته التقوى، ويجوع ويظمأ كما يجوع البدن، وطعامه وشرابه المعرفة والمحبة والتوكل والإنابة ).